B2K المـــــــــــــــــدير العـــــــــام
عدد المساهمات : 83 تاريخ التسجيل : 30/04/2010
بطاقة الشخصية :
| موضوع: الغربة السبت مايو 15, 2010 12:52 pm | |
| ربما لتقديم الغربة على الوطن في العنوان سبب وأسباب.
الفقر في الوطن غربة .. والغنى في الغربة أوطان.
اختلف الرواة في قائل هذا البيت من الحكمة.. فمنهم من نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومنهم من ذكر بأنه للشيخ ابن الرومي وآخرين قالوا إنما هو لأبي تمام. ولهذا الأخير أبيات رائعة في هذا المقام حيث ينشد:
وطول مقام المرء في الحيّ مخلق * لديباجتيه فاغترب تتجدّد فإني رأيت الشمس زيدت محبة * إلى الناس إذ ليست عليهم بسرمد
إذا، ففي الغربة فوائد وليست كلّها آلام ونواح وأحزان. فإنّ فيها إما عِلم أو عمل أو مال أو امرأة. ففي اغترابك عن الأوطان فوائد لا تكتسبها إلا مع الاغتراب وفي الغربة.. ولا سبيل لك إلى تحقيقها من دون أن تغترب. ترى نفسك بأنك غريب لكن هدفك منك قريب. كذلك في الزواج، كلّما بعدت عن محيطك وكلّما كانت المرأة غريبة عنك وليست قريبة منك، كلّما تجمل وتحسن وتحلّى النسل.. وكلّما قربت وتقربت، بهذه ابنة عم وتلك ابنة خال.. انقرض. العلم لا تكفي لتغطية رقعته اتجاهات الكون الأربعة.. هو واسع بلا حدود.. فكيف يسجنه المرء في وطن محدود؟. المال: وهل إن كنت غنيا وذو ثروة وجاه في موطنك كنت هجرته؟ كلاّ، إنما دفعتك إلى الهجرة قلّة المال وعوز الحاجة وقصر اليد وانعدام الحيلة. أليس كذلك؟ العمل: أو ليس سعيك إليه وإلى الرزق والمعيشة منه وأدنى من ذلك في تحصيل لقمة العيش لك ولأهلك سببا في الاغتراب.. أم أنك تفضّل وأهلك الموت جوعا في الوطن؟. وأن في الغربة كسب صديقين اثنين وليس بواحد، صديق قريب وصديق غريب.. أليس من أقوال امرئ القيس:
أجارتنا إنّ المزار قريبُ * وإنّي مقيم ما أقام عسيبُ أجارتَنا إنّا غريبانِ هاهنا * وكلّ غريب للغريب نسيبُ
الحرية: ربما كان الانسان في وطنه عبدا رقيقا.. مملوك الكلمة ، مقيّد الحركة .. فتمنحه الغربة فسحة من الحرية والاستقلال، له رأيه وفكره ولسانه وعقله. يعيش حرّا كريما لا عبدا محروما. هل ننسى قول عنترة لأبيه شدّاد
العبد لا يحسن النزال والكرّ والقتال، سيدي، إنّ ما يحسنه العبد خدمة النساء وحلب النياق.
وفي الغربة سنام الإسلام: الجهاد.. والجهاد في سبيل الله أنواع وأشكال. جلّ الصحابة الكرام والتابعين وتابع التابعين والمجاهدين العظام قد استشهدوا أو ماتوا في غربة. وأحيانا في الغربة الأمان والسلامة، كأن يفرّ الإنسان بدينه وروحه وأهله وماله من ظلم سلطان جائر أو عدو مستبد. يظلّ للوطن الحنين والامتثال بقول الشاعر:
وطني وإن جار عليّ عزيز .. وأهلي وإن خابوا كرام.
ويقول جلّ وعزّ من قائل:
أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا.
صدق الله العظيم. فإن كان الوطن من أرض الله فكذلك أوطان الغربة كلّها أرض الله. وإن لنا في خير من مات بوسط طيبة غريب صلّ الله عليه وسلّم أسوة وقدوة، | |
|